1- تعريف الوظيفة العمومية:
تعتبر الوظيفة العمومية الوسيلة الأساسية لممارسة الدولة لسيادتها المتمثلة في ضمان استمرارية المرفق العام أولا ثم تحسين جودة خدماته بشكل مضطرد. و الوظيفة العمومية بذلك حق دستوري لكل مواطن و مواطنة، يمارسه وفق شروط يحددها القانون و تسهر على حمايته من جهة هيئات وطنية إدارية حكومية تتجلى في مختلف مصالح الوزارات و المؤسسات العمومية و الجماعات المحلية و من جهة أخرى هيئات منتخبة كاللجان المتساوية الأعضاء و المجلس الوطني للوظيفة العمومية و المجالس الإدارية لبعض المؤسسات العمومية...
2- مقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية:
يقصد بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الإطار المؤسساتي المحدد للقواعد القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتوظيف وتدبير المسار المهني للموظف بالقطاع العام، وعلى الرغم من أن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية يرجع من حيث تاريخ إصداره إلى سنة 1958 ( قبل صدور أول دستور ) فإنه تضمن مجموعة من المبادئ الأساسية لتأسيس وظيفة عمومية نظامية وضبط الحقوق والواجبات المرتبطة بصفة موظف والقواعد المنظمة لمساره المهني .
ويتضمن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية 89 فصلا موزعا على سبعة أبواب على الشكل التالي :
• الباب الأول: (الفصول من 1 الى 7)، تناول فيه المشرع قواعد عامة وأحوال قانونية للموظفين، بحيث عرف فيه الموظف وحدد مجال تطبيق النظام الأساسي ؛
• الباب الثاني: (الفصول من 8 الى 12)، تعرض لتنظيم الوظيفة العمومية من حيث اختصاصات ومهام السلطة الحكومية بالمكلفة بالوظيفة العمومية وكذا الهيئات الاستشارية بالوظيفة العمومية (المجلس الأعلى للوظيفة العمومية و اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء) ؛
• الباب الثالث: (الفصول من 13 الى 20)، نظم حقوق وواجبات الموظفين، ومن ذلك :
• وجوب احترام سلطة الدولة والعمل على احترامها؛
• صيانة الحق النقابي ضمن الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل؛
• عدم الممارسة، بصفة مهنية، أي نشاط حر يدر على الموظف دخلا؛
• مسؤولية الموظف عن القيام بالمهام التي عهد بها إليه؛
• واجب كتم سر المهنة؛
• حماية الموظفين من التهديدات والتهجمات والإهانات والتشنيع والسباب التي قد يستهدفون لها بمناسبة القيام بمهامهم؛
عدم جواز إدراج أية إشارة لنزعات الموظف السياسية والفلسفية والدينية في ملفه الإداري .
• الباب الرابع: (الفصول من 21 الى 64)، وقد تضمن قواعد الانخراط في الوظيفة العمومية ونظام الحياة الإدارية، بدء بالتوظيف - طرقه وشروطه العامة – فتعريف الأجر ونظام التنقيط والترقية وكيفياتها ثم الوضعيات التي يكون فيها الموظف وهي القيام بالوظيفة والالحاق والاستيداع.
• الباب الخامس: (الفصول من 65 الى 75)، العقوبات التأديبية، وقد اعتمد النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية سلما للعقوبات التأديبية، كما تناول كيفية وشروط تأديب الموظفين والمسطرة المتبعة في ذلك.
• الباب السادس: (الفصول من 76 الى 86)، تعرض لحالات الخروج أو الانقطاع النهائي عن العمل وشروط كل ذلك، وتتمحور هذه الحالات في الاستقالة المقبولة بصفة قانونية والإعفاء والعزل والإحالة على التقاعد.
• الباب السابع: (الفصول من 87 الى 89)، مقتضيات مختلفة وانتقالي.
3- تشخيص بعض المظاهر المستحسن تطورها بالنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية:
يعتبر التقرير المنجز حول النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (من طرف المندوبية السامية للتخطيط في 07-05-2002) قراءة نقدية للنظام، ويقترح أيضا تدابير إصلاحية يتعدى مضمونها المراجعة الشكلية للنص الأساسي وتبرز المجهود الضروري الذي يتحتم القيام
به لتكييف النظام المغربي للوظيفة العمومية مع متطلبات الوقت الراهن اعتباراً للتحولات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية.
وظيفة عمومية ثنائية :
إن الاستعمال المتزامن لمساطر التوظيف النظامية ومساطر توظيف الأعوان غير الرسميين ، قد ترتب عنه ميلاد وظيفة عمومية ثنائية ، إحداهما نظامية والأخرى ذات طابع استثنائي . مما يفضي الى تدبير معقد ومطالب منكل صنف، منها ترسيم المياومين وإدماج المتعاقدين في الوظيفة العمومية.
نظام التوظيف بالمبارة:
من المتفق عليه اليوم أن المبارة الكلاسيكية وامتحان الكفاءة المهنية قد أصبحا يشكلان
أساليب غير ناجعة طالما أنهما يكتسيان طابعا عاما وأكاديميا، يفضي الى وسائل تقييم
تقليدية، وغير ملائمة حيث يغيب فيها الطابع المهني.
عدم ادراج التكوين ضمن نظام التحفيز:
إن النظام العام للوظيفة العمومية لم يول كامل الاهتمام للتكوين، مكتفيا بالإشارة إليه
ضمن الفصل المخصص لتنظيم الوظيفة العمومية .
بالفعل، فإن التكوين لا يكتسي أي طابع إجباري وليس له أي انعكاس على الوضعية
النظامية للموظفين مما يترتب عنه جمود المهارات وتقادمها .
طغيان نظام التعويضات:
في أي نظام عادي للتأجير، ينبغي أن لا تكون التعويضات إلا عناصر مكملة للأجر.
غير أن الشبكة الاستدلالية ظلت جامدة ، في الوقت الذي تطور فيه نظام التعويضات
بشكل محسوس في السنوات الأخيرة . وقد نجم عن هذه الوضعية أن أصبحت
التعويضات تشكل جزءا هاما من الأجر. وفي سياق الحديث عن تحجر نظام الوضعية
العمومية، تجدر الإشارة الى أن الشبكة الاستدلالية، كما هي موضوعة، لا تشكل أدنى
حافز للموظفين، بل إنها فقدت غايتها المتمثلة في تحديد أجورهم، فاصبح نظام
التعويضات مهيمنا أكثر فأكثر .
هكذا إذن تم إقصاء الشبكة الاستدلالية وسلاليم الترتيب لصالح الأنظمة الأساسية.
حدود الأنظمة الأساسية الخاصة:
لم تهتم الأنظمة الأساسية الخاصة للإدارات المركزية بمعالجة ثغرات النظام الأساسي
العام للوظيفة العمومية. بل ساهمت في امتداد إخفاقاته ، مع أنها سعت إلى توحيد
المسارات الوظيفة . ومن تم ، وعوض أن تكون الأنظمة الأساسية عامل تطور
وتكيف مع محيط الإدارة، أصبحت وسيلة لتدعيم مكتسبات الموظفين وتثبيت
الحواجز التي تفصل ما بين مساراتهم المهنية .
حدود نظام الترقية في الدرجة أو الإطار :
إن الترقية في الدرجة ، والتي يتم تصورها كحق للموظف يتعين على الإدارة السعي الى تحقيقه لا سيما بواسطة الاختيار على أساس الأقدمية ، قد وصلت اليوم الى الطريق المسدود . بالفعل ، فإن الأنظمة الأساسية الخاصة تربط هذه الترقية بنظام الحصص المالية التي ترتبط بدورها بحجم المناصب المالية المخصصة للدرجة وبالتعيينات السابقة لذلك استنفاذ الحصة المالية وتعذر إحداث مناصب مالية جديدة يجمد كل ترقية في الدرجة . وأخيرا ، فإن هذا النظام لا يستجيب للتصور الجديد للمرفق العمومي ، الذي يتطلب من الان فصاعدا تدبير ا حديثا يرتكز على العقود المحددة الأهداف ومعايير الإنجاز المتقن. أما نظام التنقيط ، فإن اصحى غير ملائم نظرا لطبيعة الحساسية ولعجزه عن تبني معايير موضوعية للتقييم وكذا لكونه يعتمد على أحكام ذاتية معايير موضوعية للتقييم وكذا لكونه يعتمد على أحكام ذاتية.
4- توصيات:
تقترح المجموعة الدراسية المحدثة في إطار البرنامج الوطني لتحديث وتطوير القدرات
التدبيرية للإدارة المغربية ، مجموعة من التوصيات نذكر منها :
الرفع من مستوى التأطير بالوظيفة العمومية:
- محاربة تضخم عدد الأسلاك والدرجات عن طريق تشكيل النظام الأساسي حول هيكلة تراتبية خفيفة ومبسطة ومتماسكة .
- تبسيط وتوحيد قواعد تدبير شؤون الموظفين .
- تشجيع الحركية.
إحداث آليات جديدة للترقية الداخلية عن طريق :
- تحديد قواعد الترقية .
- ربط الترقية بالتكوين الدائم وبالاستحقاق .
- جعل الترقيات في الدرجة أكثر مرونة عن طريق حذف عوامل التجميد ، من قبيل
الترقية عن طريق المؤهل والحصص المالية وامتحانات الأهلية المهنية .
إعداد نصوص تتعلق بكيفيات تطبيق النظام الأساسي للوظيفة العمومية في المجالات التالية :
- الحق النقابي
- الجمع بين الوظائف والأجور
- ممارسة نشاط خاص مؤدى عنه
- مسؤولية الموظف أثناء مزاولته لمهامه
- وضع حدود للسر المهني بالنسبة لحق المواطن في الإعلام .
-حماية الموظفين وتبسيط المساطر التأديبية.
المراجع:
• ظهير شريف رقم 008.58.1 بتاريخ 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
• ملخص التقرير حول النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية (أنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط في 07-05-2002)

0 تعليقات